الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديـات الثقافيـة > المنتدى الإسلامي

المنتدى الإسلامي هنا نناقش قضايا العصر في منظور الشرع ونحاول تكوين مرجع ديني للمهتمين..

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 2 تصويتات, المعدل 3.00. انواع عرض الموضوع
قديم 14-12-2022, 05:36 AM   رقم المشاركة : 61
معلومات العضو
راحيل الأيسر
المدير العام
 
الصورة الرمزية راحيل الأيسر
 

 

 
إحصائية العضو







راحيل الأيسر غير متصل


افتراضي رد: أحاديث المصطفى المختار للتذكير والادكار ..

ويجوز للمظلوم أن يدعو على من ظلمه ، لكن لا يجوز له أن يعتدي في دعائه ، وخير من الدعاء العفو : والمسامحة .

قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :

( يؤخذ بيد العبد والأمة يوم القيامة ، فينادي منادٍ على رؤوس الأولين والآخرين : هذا فلان بن فلانٍ ، من كان له حقٌ فليأت إلى حقّه ، فتفرح المرأة أن يكون لها الحقّ على أبيها ، أو على ابنها ، أو على أخيها ، أو على زوجها ، ثم قرأ ابن مسعود : ( فَلَاْ أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَاْ يَتَسَاءَلُون) المؤمنون/101 ، فيغفر الله تبارك وتعالى من حقّه ما شاء ، ولا يغفر من حقوق الناس شيئًا ) رواه الطبري في تفسيره (5/90) .


وقد أرخص الله سبحانه وتعالى للمظلوم أن ينتصر ممن ظلمه في الدنيا ، وذلك بما يقدر عليه ، من غير تعدٍّ ولا تجاوزٍ ولا ظلم .

قال الله تعالى : ( لَاْ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيْعًا عَلِيْمًا ) النساء/148 .

قال ابن كثير في "التفسير" (1/572) :

" قال ابن عباسٍ في الآية : يقول : لا يحب الله أن يدعو أحدٌ على أحدٍ ، إلا أن يكون مظلومًا ، فإنّه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه ، وذلك قوله : ( إِلّا مَنْ ظُلِمَ ) ، وإن صبر فهو خيرٌ له " انتهى .

وقال تعالى : ( وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيْلٍ ، إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَىْ الّذِيْنَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِيْ الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقّ ، أُوْلئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ ) الشورى/41-42 .

وقال تعالى : ( وَالَّذِيْنَ إِذَاْ أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ) الشورى/39 .

وقد جاء عن بعض الصحابة دعاؤهم على من ظلمهم :

فلما اتهم رجلٌ من أهل الكوفة سعدَ بن أبي وقاص رضي الله عنه بما هو بريء منه , قال سعدٌ : ( أما واللّه لأدْعونّ بثلاْثٍ : اللّهمّ إنْ كان عبْدك هذا كاذبًا قام رياءً وسمعةً ، فأطلْ عمره ، وأَطِلْ فقْرَه ، وعرّضه للْفتن . فكان الرجل يقول بعد ذلك : شيخٌ مفْتونٌ أصابتْني دعْوة سعْدٍ ) رواه البخاري (755) ومسلم مختصرا (453) .

وعن محمد بن زيد عن سعيد بن زيْدٍ رضي الله عنه أنّ أروى ( اسم امرأة ) خاصمتْه في بعْض داره ، فقال : دعوها وإيّاها ، فإنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من أخذ شبْرًا من الأرض بغيْر حقّه طوّقه في سبع أرضين يوْم القيامة ) ، اللهمّ إن كانت كاذبةً فأعم بصرها , واجعلْ قبرها في دارها ، قال : فرأيتها عمياء تلتمس الجدر ، تقول : أصابتني دعوة سعيد بن زيدٍ ، فبينما هي تمشي في الدّار ، مرّت على بئرٍ في الدّار فوقعتْ فيها فكانت قبْرها . رواه مسلم (1610) .

قال النووي في "شرح مسلم" (11/50) :

" وفي حديث سعيد بن زيدٍ رضي الله عنه جواز الدعاء على الظالم " انتهى .

وإذا دعا المظلوم على من ظلمه ، فلا يتعدَّ في الدعاء ، ولا يتجاوزْ ما شرعه الله له .

قال الحسن البصري :

( لا يدع عليه ، وليقل : اللهم أعنّي عليه ، واستخرج حقّي منه ) .

وفي روايةٍ عنه قال : ( قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه ، من غير أن يعتدي عليه ) انتهى .

"تفسير ابن كثير" (1/572) .

وخير ما يدعو به المظلوم ، هو ما جاء عن النبيّ صلى الله عليه وسلم .

فعن جابرٍ رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( الَّلهُمّ أَصْلِحْ لِيْ سَمْعِي وَبَصَرِيْ ، وَاجْعَلْهُمَا الوَارِثَيْنِ مِنّي ، وَانصُرنِي عَلَى مَنْ ظَلَمَنِي ، وَأَرِنِي مِنْهُ ثَأْرِي ) . رواه البخاري في الأدب المفرد (1/226) ، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد .

وعن ابن عمر رضي الله عنهما : أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قلّما كان يقوم من مجلسٍ حتّى يدْعو بهؤلاء الدّعوات لأصحابه : ( الّلهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بِهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعْصِيَتِكَ . . . واجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَىْ مَنْ ظَلَمَنَا وَانصُرْنَا عَلَىْ مَنْ عَادَانَا . .) رواه الترمذي (3502) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .

وخيرٌ من ذلك كله : العفو ، وترك أمر الظالم له سبحانه وتعالى يوم القيامة ، وذلك أنّ من عفا عن حقّه في الدنيا ، أخذه وافرًا في الآخرة ، وأراح قلبه من شوائب الحقد والغيظ .

وقد بوّب البخاريّ في صحيحه (2/864) :

" باب عفو المظلوم لقوله تعالى : ( إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ) النساء/149 . ( وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ) الشورى/40 . ( وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) الشورى/43 " انتهى .

وقال صلى الله عليه وسلم : ( يَا عُقبَةَ بنَ عَامِر : صِلْ مَنْ قَطَعَكَ ، وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ ، وَاعْفُ عَمَّن ظَلَمَكَ ) رواه أحمد (4/158) وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة"(891) .







التوقيع

لم يبق معيَ من فضيلة العلم ... سوى العلم بأني لست أعلم .
 
رد مع اقتباس
قديم 01-01-2023, 06:26 AM   رقم المشاركة : 62
معلومات العضو
راحيل الأيسر
المدير العام
 
الصورة الرمزية راحيل الأيسر
 

 

 
إحصائية العضو







راحيل الأيسر غير متصل


افتراضي رد: أحاديث المصطفى المختار للتذكير والادكار ..

عن أبي سعيد وأبي هريرة -رضي الله عنهما- عن النبي ﷺ قال: ما يصيب المسلم من نَصَب، ولا وَصَب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه[1].
هذا الحديث أورده الإمام النووي -رحمه الله- في باب الصبر، وذلك أن فيه سلوة للمؤمن، فهو مهما عظم عليه البلاء والأذى والاعتلال والمرض فإذا تذكر هذا فإن ذلك يهوّن عليه مصيبته، ومعلوم أن المصيبة تهون إذا عرف الإنسان الجزاء عليها، والناس كما نشاهدهم في تقلباتهم في هذه الحياة الدنيا يصبر الإنسان على ألوان من التعب لِمَا يرجو مما يجنيه من وراء هذا التعب من مال وما أشبه ذلك من المكاسب، رأينا أناساً يعمل الواحد منهم اليومين المتواصلين في أيام الحج، في الموسم يؤجِّر وفي عمل دءوب متعب، له عينان كالجمر من شدة التعب، ومن كثرة السهر، كل هذا من أجل أشياء قليلة يجمعها، فهو يلتذ بهذا التعب والأذى والسهر من أجل ما يحصله، كيف إذا كان هذا من الكريم الأكرم، والعظيم الأعظم وهو الله -تبارك وتعالى- الذي يجزيه أعظم الجزاء؟!، فأين تلك الدريهمات من عطاء الله  الجزيل؟

نوّع النبي ﷺ في هذا الحديث ألوان الأضرار والآلام التي تلحق المسلم، ما كان منها معنوياً، وما كان حسياً، كل شيء يعتور الإنسان مما يؤلمه فإنه يؤجر على ذلك، تُكفَّر عنه الخطايا.

ما يصيب المسلم من نصب ...، هذا للعموم المُطبِق، وخص المسلم؛ لأن ذلك لا يكون لغيره كما في الحديث السابق: عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير...[2]، فهو الذي يحتسب، وهو الذي يرجو ما عند الله  وأما الكافر فإنه وإن حصلت له سلوة فهي كسلوة البهيمة، لا يرجو ما عند الله ، والكفار أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ [إبراهيم: 18].

ما يصيب المسلم من نَصَب، النصب هو التعب، ما يصيبه من الإرهاق والتعب، ولو كان ذلك في أمور دنياه، التعب وهو يعمل شيئاً يصلحه في بيته، وهو يعمل في متجره، في مصنعه، وهو يحمل أمتعته، وهو يسافر، وهو يزاول عملاً من الأعمال الدنيوية أو الأخروية، فإن ذلك التعب يكون سبباً لتكفير الذنوب، وأين يوجد هذا إلا في فضل الله -تبارك وتعالى-؟ لأن قوله: ما يصيب المؤمن من نصب لم يحدد نصباً معيناً ما قال: من نصب من عمل الآخرة، وإنما قال: من نصب، و"مِن" إذا سَبقت النكرةَ -نصب- في سياق النفي تجعلها نصاً صريحاً في العموم، أياً كان سبب التعب، إلا التعب في المعصية فإنه يكون من عقوبته المعجلة، -نسأل الله العافية، لكن التعب في هذه الحياة لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ [البلد: 4]، يكابد فإنه يكفر عنه من الخطايا.

قوله: ولا وَصَبالفرق بين النصَب والوصَب هو أن النصب: هو التعب، والوصب: هو الوجع الدائم أو المرض، فالتعب قد لا يكون مرضاً، يمشي الإنسان مسافة ويتعب، يحمل أمتعة ويتعب، يبني جداراً ويتعب، يشتري من السوق ويزاول بعض الأعمال ويتعب، لكنه ما هو مريض، أما الوصب فإنه المرض.

قوله: ولا هم ولا حزَن لاحظ الوصب والنصب يصيب غالباً البدن، وأما الهم والحزن فهو يصيب النفس، اعتلال النفس، قد يكون ذلك عارضاً كطيف يمر به ويزول لسبب، وقد يدوم معه فيكون مرضاً، تمرض به النفس، الاكتئاب الذي يسميه الناس اليوم، أعاذنا الله وإياكم من كل مكروه وإخواننا المسلمين.

ولا هم ولا حزن الفرق بين الهم والحزَن هو: أن الهم هو الاغتمام من أمر المستقبل، مهموم لأنه سيُجري عملية، مهموم لأنه سيسافر سفراً يكرهه، مهموم لأنه سيعاني أمراً لربما يشق عليه ويثقل عليه، فهذا هو الهم.

والحزن هو: الاغتمام من أمر فائت، إنسان حصل له شيء من قبل، مرض له أحدٌ يحبه، مات أحدٌ يحبه، خسر في تجارته، أو غير ذلك، فيحزن فيؤجر على هذا الذي وقع له مع أن الإنسان لا يتطلب لا الهم ولا الحزن، لكن ذلك يقع بغير إرادته، فالمقصود أن الإنسان يؤجر على الهم، ويؤجر على الحزن، ولم يحدد ذلك أن يكون حزناً بسبب أمور من الآخرة، كالذي يحزن لفوات الصلاة عليه، أو يهتم ويغتم من شأن اليوم الآخر، لا شك أن هذه مراتب عالية، لكن حتى لو كان ذلك في أمر الدنيا، إلا إن كان ذلك فيما يكرهه الله ، فإنها من عقوبته المعجلة؛ لأن الذنوب كما تعلمون لها وحشة، إن في القلب وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته، وفيه فاقة لا يذهبها إلا بصدق اللجَأ إليه، ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبداً.

قوله: ولا أذى هذا أعم من كل ما سبق، الأذى يدخل فيه الهم والغم والنصب والوصب، وأنواع أخرى، الآن لو أن أحداً ضربه هذا أذى، إذا اغتابه أذى، إذا قال في حقه كلمة جارحة، استهزأ به فهذا أذى، كل ذلك يكون سبباً لتكفير الخطايا.

قوله: ولا غم الفرق بين الغم والحزَن هو: أن الغم من شدته كأنه يغمى على الإنسان بسببه، فكأنه يغطيه الغم، يعني: يغرق الإنسان في الهم وفي الحزن وفي الحسرات وفي الضيق، فهذا هو الغم، أشد الحزن، أو الهم الشديد جداً الذي يكاد يذهب معه صواب الإنسان فإنه يقال له غم، أعاذانا الله وإياكم وإخواننا المسلمين من ذلك.

قوله: حتى الشوكة يشاكهاصعد به إلى أعلى، ووصل به إلى القمة، فذكر الغم الذي يكاد يغطي عقل الإنسان، ثم نزل فيه إلى أدنى شيء ممكن أنه يقع للإنسان الشوكة، فالشوكة قضية سهلة تصيب الإنسان ويدفع أثر ذلك، ثم يواصل سيره.

قال: حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياههناك ما هو أعظم من الشوكة، كالجراح، والمسمار، وكي النار، فكيف لو صار له حادث؟ هذا ليس مثل الشوكة، هذا أعظم، كيف لو مرض مرضاً خطيراً مثل السرطان -أعاذنا الله وإياكم- أو الفشل الكلوي، أو الصرع، أو البرص، أو الجذام، أو أصابه مرض من الأمراض الفاتكة؟!.

قوله: من خطاياه "مِن" هذه تحتمل أن تكون ابتدائية، وتحتمل أن تكون تبعيضية، وهو الأرجح، بمعنى: أن الشوكة أو غير الشوكة لا تكفر جميع الذنوب، وإنما يكفر ذلك بعضَ الذنوب، لكن هناك ذنوب لا تكفرها لا الشوكة ولا الطاعون وهي حقوق الخلق، هذه لابد أن ترد إليهم سواء كانت حقوقاً معنوية أو حسية، إذا كانت حقوقاً معنوية تتحلل منه إن كنت تستطيع، تقول: أنا اغتبتك، سامحني، حلِّلْنِي، قبل أن يأتي يوم فينتثل من حسناتك، وعندئذ لا ينفعك الندم.

وسيأتي في بعض الأحاديث في هذا الباب ما يبين ما يصير إليه المؤمن، أن الحال تصير به أنه يكون مثل الشجرة التي تَحاتّ ورقُها، هذه المصائب التي تصيبه والأمراض والعلل والأوجاع، مرة وجع ضرس وعين، وألم على فراق حبيب، وما أشبه ذلك، هذه كلها تَحُتُّ عن المؤمن الخطايا كما يُحَتُّّ الورقُ عن الشجر.

تصور المؤمن إذا استيقن هذه الحقيقة، هل يصاب بالاكتئاب؟ هل يكون مغموماً لأنه مريض، أو ولده مريض، أو لأنه فقد شيئاً يحبه أو نحو ذلك؟ هو في كل حالاته تَحُتّ عنه الخطايا، حتى إذا لقي الله  لقيه من غير ذنب، فيتمنى عندئذ أنه ضوعف عليه البلاء ..


من موقع الشيخ أ/ د خالد السبت ..







التوقيع

لم يبق معيَ من فضيلة العلم ... سوى العلم بأني لست أعلم .
 
رد مع اقتباس
قديم 20-01-2023, 07:48 AM   رقم المشاركة : 63
معلومات العضو
راحيل الأيسر
المدير العام
 
الصورة الرمزية راحيل الأيسر
 

 

 
إحصائية العضو







راحيل الأيسر غير متصل


افتراضي رد: أحاديث المصطفى المختار للتذكير والادكار ..

عن أبي أمامة إياس بن ثعلبة الأنصاري الحارثي  قال: ذكر أصحاب رسول الله ﷺ يومًا عنده الدنيا، فقال رسول الله ﷺ: ألا تسمعون؟ ألا تسمعون؟ إن البذاذة من الإيمان، إن البذاذة من الإيمان يعني: التقحُّل[1] رواه أبو داود.
قوله: ذكر أصحاب رسول الله ﷺ يومًا عنده الدنيا، يعني: كأنهم ذكروا اللباس الرفيع الحسن، فقال النبي ﷺ: ألا تسمعون؟ ألا تسمعون؟ وهذا الأسلوب: ألا تسمعون، مع التكرار، يعني: بصيغة الاستفهام مع التكرار فيه مزيد من استدعاء الأذهان والقلوب؛ من أجل أن تعقل عنه ﷺ ما يقول.

ثم قال: إن البذاذة من الإيمان، إن البذاذة من الإيمان -كرره توكيدًا ﷺ، قال: يعني التقحُّل.

والمقصود بالبذاذة في باب اللباس: أن يترك الإنسان رفيع اللباس، وقد جاء في الحديث الآخر أن من ترك اللباس وهو يقدر عليه تواضعًا لله  دعاه الله على رءوس الخلائق يوم القيامة، حتى يخيره من حلل الإيمان يلبس من أيها شاء[2]، وذلك -والله تعالى أعلم- لأن الظاهر يؤثر في الباطن، فإذا كان الإنسان يلبس رفيع اللباس فإن ذلك ينعكس على باطنه ويؤثر فيه، كما أنه يؤثر على غيره، أمّا أثره على نفسه فهو أن الإنسان يجد في نفسه ميلًا إلى الترفع، فلباس الإنسان يحرك نفسه ويؤثر فيها ولابدّ، كما أن ما يركبه الإنسان يؤثر فيه، ولهذا جاءت عناية الشريعة بالظاهر، كما جاءت عنايتها بالباطن، فاعتنت الشريعة بلباس الإنسان وبمشيته، وما إلى ذلك من الأمور الظاهرة، لما لها من التأثير في الباطن، ومن هنا جاء النهي عن التشبه بالكافرين والفاسقين، والتشبه بالحيوانات، وبالشياطين، كل هذا لما يورثه هذا التشبه من انعكاسات داخلية حيث يجد الإنسان في نفسه انجذابًا إلى ذلك الإنسان الذي شابهه في الظاهر.

فالإنسان الذي يلبس رفيع اللباس يؤثر ذلك فيه فيجد في نفسه لربما ميلًا إلى العجب أو التعاظم والترفع، والشريعة دعت إلى التواضع وخفض الجناح، وكذلك أيضًا يؤثر في غيره فتنكسر قلوب الفقراء ويجدون في قلوبهم لربما عصرة بسبب أنهم يرون ما يعجزون عنه، فإذا رأوا من أهل الجِدَة شيئًا من التواضع في لباسهم وهيئتهم ومراكبهم، وما إلى ذلك فإن ذلك أدعى إلى المواساة، وهذا الحديث البذاذة من الإيمان لا يعارض الأحاديث التي قال فيها النبي ﷺ: إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده[3] وكذلك أيضًا لما سئل النبي ﷺ عن الرجل يحب أن يكون نعله حسنًا وثوبه حسنًا، فبين ﷺ أن الله جميل يحب الجمال، وأن ذلك ليس من الكبر، فالشاهد أنه ليس هناك تعارض بين هذه الأحاديث، فالمقصود بهذا الحديث أن يترك الإنسان رفيع الثياب، لكنه يلبس لباسًا معتدلًا متوسطًا، وذلك يختلف من زمان إلى زمان، فاللباس المعتدل في هذا الزمان ليس كاللباس المعتدل قبل خمسين سنة، اللباس المعتدل في هذا الزمان ليس كاللباس المعتدل في زمن النبي ﷺ، فليس معنى هذا الحديث أن يلبس الإنسان الثياب الرثة الممزقة التي قد وجدت فيها الرقاع وهو يجد، وقد أعطاه الله  وأغناه، لا، وإنما يترك اللباس الرفيع، يعني: يترك العناية الزائدة في المظهر بدلًا من أن يشتري الأغلى من الأقمشة والثياب ونحو ذلك، لاسيما المرأة.







التوقيع

لم يبق معيَ من فضيلة العلم ... سوى العلم بأني لست أعلم .
 
رد مع اقتباس
قديم 20-01-2023, 07:55 AM   رقم المشاركة : 64
معلومات العضو
راحيل الأيسر
المدير العام
 
الصورة الرمزية راحيل الأيسر
 

 

 
إحصائية العضو







راحيل الأيسر غير متصل


افتراضي رد: أحاديث المصطفى المختار للتذكير والادكار ..

المقصود من الحديث أعلاه 👆


أن المطلوب أن يلبس الإنسان لباسًا نظيفًا، لباسًا حسنًا، ولكن لا يلزم أن يكون ذلك من رفيع اللباس، وقد جُرب هذا، ولعلي ذكرته في إحدى المناسبات: في بعض السجون في أمريكا قرأت تقريرًا عن تجربة أقيمت فيها صاروا يطالبون السجناء، هؤلاء السجناء من المجرمين، صاروا يطالبونهم بصبيحة كل يوم أن يغتسلوا، ثم يعطونهم ثيابًا جديدة بيضاء، فوجدوا تغيرًا في سلوكهم، وهذا شيء مشاهد، أنت حينما تقدم من سفر طويل، ومتعب وشاق، ولربما حصل لك شيء من التعطيل في هذا السفر، وتلوثت ثيابك، أو نحو هذا، أو غبار أو غير هذا، تصل لا تريد أن تقابل أحدًا، ولا يراك أحد، وإذا جلست مع الناس في أي مكان أحرجت أو نحو ذلك، لربما تنتظر متى تقوم، لكن إذا اغتسل الإنسان، ولبس ثيابًا نظيفة وجد في نفسه تغيرًا كبيرًا، فدل ذلك على أن اللباس النظيف النقي يؤثر.

ولهذا فإن الشريعة تدعو إلى النظافة والنقاء، والنبي ﷺ يقول: البسوا من ثيابكم البياض وكفنوا بها موتاكم[4] فالثياب البيضاء أفضل من غيرها، لكنْ فرق بين أن يلبس الإنسان هذا، وبين أن يبحث دائمًا عن الأغلى لاسيما الرجال، فإن المبالغة في الزينة بالنسبة للرجل نقيصة



من موقع أ / د خالد عثمان السبت بتصرف ..







التوقيع

لم يبق معيَ من فضيلة العلم ... سوى العلم بأني لست أعلم .
 
رد مع اقتباس
قديم 21-01-2023, 05:50 AM   رقم المشاركة : 65
معلومات العضو
راحيل الأيسر
المدير العام
 
الصورة الرمزية راحيل الأيسر
 

 

 
إحصائية العضو







راحيل الأيسر غير متصل


افتراضي رد: أحاديث المصطفى المختار للتذكير والادكار ..





في الحديث الصحيح ..


أنَّ النعمانَ بنَ بَشيرٍ جاء أبوهُ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال له إني نَحَلْتُ ابني هذا غلامًا فقال له
««أكل ولدك نحلته مثل هذا..»


في هذا الحديث ..
كراهة تفضيل الوالد بعض أولاده على بعض في الهبة، ويدخل في الوالد الجد، وكذلك أيضًا الوالدة والجدة، فكل هؤلاء يقال له: والد، كراهة تفضيل الوالد بعض أولاده على بعض في الهبة، المقصود بالهبة: العطية، وبعض أهل العلم يقولون: إنما يعطى لطلب الثواب من الله صدقة، وما يعطى لنفع المعطى هبة، وما يعطى لتقريب القلوب، وتأليفها، وتحبيبها هدية، وما يعطى في العيد مثلاً يقال: عيدية، والواقع أن هذا كله من باب واحد، بمعنى أنه يقال له: عطية، وهبة، وما إلى ذلك من العبارات، بصرف النظر عن قصد المعطي.

فهنا كراهة تفضيل الوالد بعض أولاده على بعض في الهبة، يدخل في هذا العطايا التي يعطيهم، والهبات، ويدخل فيه ما يعطى في العيد، العيدية، فيجب العدل بين الأولاد، وإطلاق الكراهة هنا من قبل المصنف -رحمه الله- باب كراهة تفضيل الوالد بعض أولاده على بعض في الهبة، هل المقصود بها الكراهة التحريمية، أو الكراهة التنزيهية؟

الذي يظهر -والله أعلم- أنه يقصد بذلك كراهة التنزيه، وهذا قد يقال: إنه مخالف لظاهر الحديث الذي سيأتي؛ لأن أهل العلم اختلفوا في ذلك -كما سأذكر بعد قليل إن شاء الله- اختلفوا في التفضيل، والمحاباة.

فذكر حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما-: "أن أباه أتى به رسول الله ﷺ فقال: إني نحلت ابني هذا غلامًا كان لي" نحلت ابني، يعني: أعطيت ابني، وهبته غلامًا، يعني: مملوكًا، كان لي فقال رسول الله ﷺ: أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا، فقال رسول الله ﷺ: فأرجعه لاحظوا أكل ولدك؟، الولد يصدق على الذكر والأنثى، يعني: البنت والابن، كلهم يقال له: ولد، أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ هنا لاحظوا أن النبي ﷺ ما استفصل، ما قال: هل هذا الولد نحلته لمعنى؟ يعني: كأن يكون الأبر من الأولاد، كأن يكون الولد صاحب إعاقة فيحتاج، كأن يكون الولد له عيال، وفقير، ومحتاج، فأعطيته ذلك؟

ما سأله قال له النبي ﷺ: أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا، فقال رسول الله ﷺ: فأرجعه[1] والقاعدة أن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال، يعني: في احتمال أنه أعطاه لمعنى، لإعاقة، لسبب، لكونه الأبر في احتمالات، ما سأله، والاحتمال قائم أنه أعطاه لسبب معين من بين سائر الأولاد، ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم، بمعنى: أن ظاهره بناء على هذه القاعدة كون النبي ﷺ ما استفصل؛ يدل على أن المسألة ما تفرق، سواء كانوا يتفاوتون في البر، أو كان صاحب مرض، أو إعاقة، أو كان هذا الولد فقير، وله عيال، أو غير ذلك، يجب العدل بين الأولاد في العطية.





ثم إن قوله ﷺ: فأرجعه الآن نحله، أعطاه، وجاء يشهد النبي ﷺ والأصل أنه لا يجوز الرجوع في الهبة، إلا الوالد؛ لأن النبي ﷺ قال: أنت، ومالك لأبيك[2] فالوالد يجوز له أن يرجع، فهذه الهبة وصلت للولد فالنبي ﷺ قال فأرجعه، وهذا أمر، والأمر للوجوب؛ فدل على أن هذا الفعل محرم، أن التفضيل محرم، وظاهره أن ذلك على سبيل الإطلاق، يعني: وإن كان لعلة.

وانظروا إلى الروايات الأخرى، قال: وفي رواية: فقال رسول الله ﷺ: أفعلت هذا بولدك كلهم قال: لا، قال: اتقوا الله، واعدلوا في أولادكم[3] يقول: فرجع أبي، فرد تلك الصدقة، سماها صدقة، مع أنها هبة لنفع المعطى اتقوا الله، واعدلوا في أولادكم هذا أمر، والأمر للوجوب، فدل على أنه يجب العدل بين الأولاد، لكن هذا العدل ما حده؟ ما ضابطه بين الأولاد؟ هل يقال: إن القسمة بين الأولاد، أو الهبة بين الأولاد، العطية بين الأولاد في الحياة، كقسم الميراث بعد الوفاة، يعني: بمعنى لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ أعطى الولد عشرة، يعطي البنت خمسة، هذا قال به طائفة من الصحابة، فمن بعدهم، وهو مذهب المالكية، والحنابلة، قالوا: لأن قسمة الله أعدل[4] كما جاء عن أبي بكر الصديق  [5].

فالشاهد: أن هذه القسمة أعدل، وأن الله رضيها لهؤلاء بعد الممات، ففي الحياة كذلك، هكذا قالوا، والقول الآخر، وهو قول الشافعية[6] والأحناف، أنه يكون على التسوية، هو المطلوب العدل، لكن ما هو العدل هنا في الميراث لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ولهذا لا يقال الإسلام دين المساواة، هذا خطأ، الإسلام ليس بدين المساواة؛ لأن المساواة أحيانًا تكون من الظلم، إنما الإسلام دين العدل، فالعدل هو المطلوب، وهو الواجب، لكن المساواة لا تجب، قد تكون ظلمًا، إذا سوي بين الذكر والأنثى في الميراث فهذا ظلم للذكر، وهكذا في صور متنوعة لا يصح فيها التسوية، فالإسلام دين العدل.


وإنَّ تَفضيلَ بعضِ الأولادِ على بعضٍ لا يَأتي إلَّا بالأحقادِ، وإيغارِ الصُّدورِ، فيَنتُجُ عن ذلك عقوقُ الأولادِ للآباءِ، فلا يَبَرُّونَهم.


أولاد يعقوب -عليه الصلاة والسلام- تحركت نفوسهم تجاه أخيهم، وفعلوا كل هذه الأفاعيل، وأصروا عليها هذه السنوات الطويلة ما يقرب من ثلاثين سنة، وهم في غاية الإصرار، إلى آخر لحظة إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ ما ندموا، وما تأثروا، وأصيب أبوهم بالعمى، وما قالوا: نحن نعتذر، نحن الذين تسببنا بهذا كله، أبدًا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ إلى آخر وقت، أولاد أنبياء، أبوهم يعقوب، وجدهم إسحاق، وجدهم إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- فهم أبناء كريم ابن كريم ابن كريم، ويقع بينهم هذا الحسد، فكيف بغيرهم؟

ولهذا يقال: إن الأب أحيانًا يكون متسببًا بهذا الحسد، والعقوق لما يحصل منه من المحاباة لبعض الأولاد، فالواجب هو أن يعدل بين هؤلاء الأولاد، لكن ما هو العدل؟ هل هو كقسم الميراث، أو بالتسوية؟ على قولين معروفين مشهورين بين أهل العلم ..



تجميع من عدد من المواقع الموثوقة ..

موقع أ/ د عثمان السبت
والدرر السنية ..












التوقيع

لم يبق معيَ من فضيلة العلم ... سوى العلم بأني لست أعلم .
 
رد مع اقتباس
قديم 02-02-2023, 07:42 AM   رقم المشاركة : 66
معلومات العضو
راحيل الأيسر
المدير العام
 
الصورة الرمزية راحيل الأيسر
 

 

 
إحصائية العضو







راحيل الأيسر غير متصل


افتراضي رد: أحاديث المصطفى المختار للتذكير والادكار ..

شرح حديث خولة: "إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق"

عن خولة بنت عامرٍ الأنصارية، وهي امرأة حمزةَ رضي الله عنه، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن رجالًا يَتخوَّضونَ في مال الله بغير حقٍّ، فلهم النار يوم القيامة))؛ رواه البخاري.



قال سَماحة العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:

قال المؤلف رحمه الله فيما نقله عن خولة زوجة حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن رجالًا يَتخوَّضونَ في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة))، هذا أيضًا مما يدل على تحريم الظلم في الأموال الذي هو خلاف العدل.



وفي قوله: "يتخوَّضون" دليلٌ على أنهم يتصرَّفون تصرُّفًا طائشًا غير مبنيٍّ على أصول شرعية، فيُفسِدونَ الأموال ببَذْلِها فيما يضر؛ مثل من يبذل أمواله في الدخان، أو في المخدرات، أو في شرب الخمور، أو ما أشبه ذلك، وكذلك أيضًا يتخوَّضون فيها بالسرقات، والغصب، وما أشبه ذلك، وكذلك يتخوَّضون فيها بالدعاوى الباطلة؛ كأن يدَّعيَ ما ليس له وهو كاذب، وما أشبه ذلك.


فالمهم أن كل من يتصرَّف تصرُّفًا غير شرعي في المال - سواء ماله أو مال غيره - فإن له النار - والعياذ بالله - يوم القيامة إلا أن يتوب، فيرد المظالم إلى أهلها، ويتوب مما يبذل ماله فيه من الحرام؛ كالدخان والخمر وما أشبه ذلك، فإنه ممن تاب الله عليه؛ لقول الله تعالى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) .

وفي هذا الحديث تحذيرٌ من بذل المال في غير ما يَنفع والتخوُّضِ فيه؛ لأن المال جعله الله قيامًا للناس تقوم به مصالحُ دينهم ودنياهم، فإذا بذَلَه في غير مصلحة كان من المتخوِّضين في مال الله بغير حق.



المصدر: «شرح رياض الصالحين» (2/ 537 - 539).











التوقيع

لم يبق معيَ من فضيلة العلم ... سوى العلم بأني لست أعلم .
 
رد مع اقتباس
قديم 03-02-2023, 02:57 AM   رقم المشاركة : 67
معلومات العضو
راحيل الأيسر
المدير العام
 
الصورة الرمزية راحيل الأيسر
 

 

 
إحصائية العضو







راحيل الأيسر غير متصل


افتراضي رد: أحاديث المصطفى المختار للتذكير والادكار ..

واللهِ ما الدنيا في الآخرةِ إلا مثلُ ما يجعلُ أحدُكم إصبعَه في اليمِّ ، فلينظر بم يرجعُ
الراوي : المستورد بن شداد | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : فتح الباري لابن حجر | الصفحة أو الرقم : 11/236 | خلاصة حكم المحدث : إسناده إلى التابعي على شرط البخاري | التخريج : أخرجه مسلم (2858) باختلاف يسير ..




الشرح :

الدُّنيا هيِّنةٌ عِندَ اللهِ عزَّ وجلَّ وضَئيلةٌ، ولا تَعدِلُ عندَ اللهِ تعالَى مِثقالَ ذرَّةٍ ولا تُساوِي شَيئًا، فهيَ دارُ عَملٍ واختِبارٍ، وَليس عُمرَ الإنسانِ الحَقيقيَّ، فذاك في الآخرَةِ.
وفي هذا الحديثِ يُقسِمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ باللهِ -للمُبالَغةِ في التَّحقيقِ والتَّأكيدِ- أنَّ مَثَل الدُّنيا بالنِّسبةِ للآخرَةِ، والنَّظرِ إليها؛ مَثَلُ ما يَضَعُ أَحدُ النَّاس إِصبعَه في البَحرِ، فلْيَنْظرِ الَّذي تَعلَّقَ في يَدِه مِن مائِه؛ فإنَّه لا يَعلَقُ بإصبَعِه كثيرُ شيءٍ منَ الماءِ، وَمعنى الحَديثِ: ما الدُّنيا بالنِّسبةِ إلى الآخرَةِ في قِصَرِ مُدَّتِها، وفَناءِ لَذَّاتها، ودوامِ الآخرةِ، ودوامِ لذَّاتِها ونعيمِها؛ إلَّا كنِسبةِ الماءِ الَّذي يَعلَقُ بالإصبَعِ إلى باقي البَحرِ.
وهذا التَّمثيلُ للتَّقريبِ إلى الأفهامِ؛ وإلَّا فالآخرةُ أعظَمُ وأجَلُّ مِن البحرِ؛ لأنَّ البحْرَ مهْما كان واسعًا فإنَّه مُتناهٍ، ونَعيمُ الآخرةِ باقٍ غيرُ مُتَناهٍ، ونَعيمُ الجنَّةِ للمؤمنينَ، وكذلكَ عَذابُ الكافرينَ.
وفي الحَديثِ: تَحقيرُ الدُّنيا وشأْنِها.
وفيه: تَوضيحُ المَعاني بتَقريبِها لِما في الواقعِ ..



موقع الدرر السنية ..







التوقيع

لم يبق معيَ من فضيلة العلم ... سوى العلم بأني لست أعلم .
 
رد مع اقتباس
قديم 05-02-2023, 04:47 AM   رقم المشاركة : 68
معلومات العضو
راحيل الأيسر
المدير العام
 
الصورة الرمزية راحيل الأيسر
 

 

 
إحصائية العضو







راحيل الأيسر غير متصل


افتراضي رد: أحاديث المصطفى المختار للتذكير والادكار ..




الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، عن أم سلمة مرفوعا، بلفظ: "إنه يستعمل عليكم أمراء، فتعرفون وتنكرون، فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع. قالوا: يا رسول الله، ألا نقاتلهم؟ قال: لا، ما صلوا". أي من كره بقلبه، وأنكر بقلبه". اهـ. والقائل: "أي من كره بقلبه، وأنكر بقلبه" هو قتادة، أحد رواة الحديث، كما بينه أبو داود في روايته. وعنده لفظ آخر للحديث، وهو: "ستكون عليكم أئمة تعرفون منهم وتنكرون، فمن أنكر بلسانه فقد برئ، ومن كره بقلبه فقد سلم، ولكن من رضي وتابع".

ورواه المروزي في (تعظيم قدر الصلاة) وعنده تفسير الحسن البصري شيخ قتادة للحديث، حيث قال: فمن أنكر بلسانه فقد برئ، فقد ذهب زمان هذا. ومن كره بقلبه فقد سلم، وقد جاء زمان هذا. قال: ولكن من رضي وتابع، قال الحسن: فأبعده الله. اهـ. وأخرجه البيهقي في (الاعتقاد) وبيَّن هذه الألفاظ كلها، وبوب عليه: (باب طاعة الولاة، ولزوم الجماعة، وإنكار المنكر بلسانه، أو كراهيته بقلبه، والصبر على ما يصيبه من سلطانه).

ويستفاد مما سبق، أن الإنكار بالقلب أصل لازم، ثم يصحبه الإنكار باللسان، بحسب الحال والمآل، فهو مشروع في الجملة، ولكن ينبغي النظر في كيفيته وآثاره.

قال ابن الملقن في (التوضيح): إن قلت: الإنكار على الأمراء في العلانية من السنة؛ لما روى سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن طارق بن شهاب أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الجهاد أفضل؟ قال: "كلمة حق عند سلطان جائر". قلت: اختلف السلف في تأويله ـ كما قال الطبري ـ فقيل: إنه محمول على ما إذا أمن على نفسه القتل، أو أن يلحقه من البلاء ما لا قبل له به، وهو مذهب أسامة بن زيد، وروي عن ابن مسعود، وابن عباس، وحذيفة. وروي عن مطرف بن الشخير أنه قال: والله لو لم يكن لي دين، حتى أقوم إلى رجل معه ألف سيف، فأنبذ إليه كلمة؛ فيقتلني، إن ديني إذا لضيق.

وقيل: الواجب على من رأى منكرا من ذي سلطان، أن ينكره علانية، وكيف أمكنه، روي ذلك عن عمر، وأبي، واحتجوا بقوله عليه السلام : "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ... الحديث. وبقوله عليه السلام: "إذا هابت أمتي أن يقولوا للظالم: يا ظالم، فقد تودع منهم". وقيل: من رأى من سلطانه منكرا، فالواجب عليه أن ينكره بقلبه فقط. واحتجوا بحديث أم سلمة مرفوعا: "يستعمل عليكم أمراء بعدي تعرفون وتنكرون، فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع" قالوا: يا رسول الله، أفلا نقاتلهم؟ قال: "لا، ما صلوا".


والصواب -كما قال الطبري- أن الواجب على كل من رأى منكرا أن ينكره، إذا لم يخف على نفسه عقوبة لا قبل له بها؛ لورود الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسمع والطاعة للأئمة، وقوله عليه السلام: "لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه" قالوا: وكيف يذل نفسه؟ قال: "يتعرض من البلاء لما لا يطيق" اهـ. وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن حديث: «سيكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن نابذهم فقد نجا، ومن اعتزلهم فقد سلم، ومن خالطهم فقد هلك» وهل هو معارض لعدم الخروج على الإمام؟ فأجابت: الحديث الذي ذكرته صحيح، وليس فيه معارضة لمعتقد أهل السنة في السمع والطاعة لولاة الأمر في المعروف، ولزوم الجماعة، وعدم الخروج عليهم وإن جاروا، ما لم يحصل منهم كفر بواح؛ لأن المقصود بالمنابذة في الحديث: الإنكار باللسان، كما بينه شراح الحديث.

قال المناوي في (شرح الجامع 4 132) : "فمن نابذهم" يعني: أنكر بلسانه ما لا يوافق الشرع "نجا" من النفاق، والمداهنة، "ومن اعتزلهم" منكرا بقلبه "يسلم" من العقوبة على ترك إنكار المنكر، "ومن خالطهم" راضيا بفسقهم (هلك) يعني: وقع فيما يوجب الهلاك الأخروي) انتهى.

وفي (صحيح مسلم) ما يؤيد هذا المعنى من حديث أم سلمة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنه يستعمل عليكم أمراء، فتعرفون وتنكرون، فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع، قالوا: يا رسول الله، ألا نقاتلهم؟ قال: لا ما صلوا» اهـ. وسئل الشيخ ابن عثيمين في (لقاء الباب المفتوح): هناك من يقول: إن الإنكار على الولاة علناً من منهج السلف، ويستشهد بحديث أبي سعيد الخدري، في إنكاره على مروان بن الحكم حينما قدم الخطبة على الصلاة، وبقوله صلى الله عليه وسلم: (ستكون أمراء، فتعرفون وتنكرون، فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم) وبحديث: (سيد الشهداء رجل قام إلى إمام جائر فأمره، ونهاه؛ فقتله) فهل هذا كلام صحيح؟ وكيف الجمع بين هذه الآثار الصحيحة وبين قوله عليه الصلاة والسلام: (من أراد أن ينصح لذي سلطان، فلا يبده علانية) نرجو التفصيل في هذه المسألة .. ؟ فأجاب: هذا السؤال مهم، وجوابه أهم منه في الواقع، ولا شك أن إنكار المنكر واجب على كل قادر عليه، لقول الله تبارك وتعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران:104-105]. واللام في قوله: (ولتكن) لام الأمر، وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يدي السفيه، ولتأطرنه على الحق أطراً، أو ليضربن الله قلوب بعضكم على بعض، ثم يلعنكم كما لعنهم) أي: كما لعن بني إسرائيل، الذين قال الله عنهم: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ} [المائدة:78-79].

ولكن يجب أن نعلم أن الأوامر الشرعية في مثل هذه الأمور لها مجال، ولا بد من استعمال الحكمة، فإذا رأينا أن الإنكار علناً يزول به المنكر، ويحصل به الخير فلننكر علناً، وإذا رأينا أن الإنكار علناً لا يزول به الشر، ولا يحصل به الخير، بل يزداد ضغط الولاة على المنكرين وأهل الخير، فإن الخير أن ننكر سراً، وبهذا تجتمع الأدلة، فتكون الأدلة الدالة على أن الإنكار يكون علناً، فيما إذا كنا نتوقع فيه المصلحة، وهي حصول الخير وزوال الشر، والنصوص الدالة على أن الإنكار يكون سراً، فيما إذا كان إعلان الإنكار يزداد به الشر، ولا يحصل به الخير ... اهـ.



والله أعلم ..


من ملف محفوظاتي القديمة .. ولا أذكر المصادر أو الموقع ..
قد يكون موقع الفتاوى ..







التوقيع

لم يبق معيَ من فضيلة العلم ... سوى العلم بأني لست أعلم .
 
رد مع اقتباس
قديم 06-02-2023, 05:16 AM   رقم المشاركة : 69
معلومات العضو
راحيل الأيسر
المدير العام
 
الصورة الرمزية راحيل الأيسر
 

 

 
إحصائية العضو







راحيل الأيسر غير متصل


افتراضي رد: أحاديث المصطفى المختار للتذكير والادكار ..

خَرَجَ عَلَيْنَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَيْلَةَ البَدْرِ، فَقالَ: إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ يَومَ القِيَامَةِ كما تَرَوْنَ هذا، لا تُضَامُونَ في رُؤْيَتِهِ.
الراوي : جرير بن عبدالله | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 7436 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]


----------------------


كُنَّا عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَنَظَرَ إلى القَمَرِ لَيْلَةً - يَعْنِي البَدْرَ - فَقَالَ: إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كما تَرَوْنَ هذا القَمَرَ، لا تُضَامُّونَ في رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أنْ لا تُغْلَبُوا علَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا ثُمَّ قَرَأَ: {وَسَبِّحْ بحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ الغُرُوبِ} [ق: 39]، قَالَ إسْمَاعِيلُ: افْعَلُوا لا تَفُوتَنَّكُمْ.
الراوي : جرير بن عبدالله | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 554 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]



الشرح :

حَثَّ الشَّرعُ على شُهودِ الصَّلواتِ عامَّةً في الجَماعةِ، وعلى شُهودِ صَلاتَيِ العَصرِ والفَجرِ خاصَّةً؛ وإنَّما خَصَّ هاتَيْنِ الصَّلاتَيْنِ؛ لِاجتِماعِ المَلائِكةِ فيهما، ولِرَفعِهم أعمالَ العِبادِ.وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ جَريرُ بنُ عَبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنه أنَّهم كانوا عِندَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فنَظَرَ إلى القَمَرِ لَيلةَ البَدرِ، وهي لَيلةُ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنَ الشَّهرِ الهِجريِّ، فقال: إنَّكم -أيُّها المُؤمِنونَ- ستُرَونَ رَبَّكم يَومَ القيامةِ كما تَرَوْنَ هذا القَمَرَ رُؤيةً مُحقَّقةٌ لا شَكَّ فيها، وقوله: «لا تَضامُّونَ» رُوِيَ بفَتحِ التاءِ والميمِ المُشدَّدةِ، ومَعناه: لا يَنضَمُّ بَعضُكم إلى بَعضٍ في وَقتِ النَّظَرِ، كما تَفعَلونَ في وَقتِ النَّظَرِ لإشكالِه وخَفائِه كما تَفعَلون عندَ النَّظَرِ إلى الهلالِ ونحْوِه، ويُروَى: «تُضامُونَ» بضَمِّ التَّاءِ وتَخفيفِ المِيمِ، أيْ: لا يُصيبُكم ظُلمٌ في رُؤيَتِه ولا تَعَبٌ، فلا يَراه بَعضُكم دُونَ بَعضٍ، بل كُلُّكم تَشتَرِكونَ في الرُّؤيةِ، ويُروَى: «تُضامُّونَ» بضَمِّ التاءِ وتَشديدِ الميمِ، أي: لا تَتزاحمون ولا تَختلِفون.ثمَّ حَثَّهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بقولِه: «فإنِ استَطَعتُم ألَّا تُغلَبوا»، بأنْ يَكونَ لكمُ استِعدادٌ لِتَلافي أسبابِ الغَلَبةِ التي تُنافي الاستِطاعةَ؛ مِن نَومٍ، أو الاشتِغالِ بالأشياءِ التي تَمنَعُ عنِ الصَّلاةِ، فلا تَغفُلوا عن صَلاةٍ قَبلَ طُلوعِ الشَّمسِ، وهِيَ الفَجرُ، وقَبلَ غُروبِها، وهي العَصرُ، فافعَلوا؛ يَعني: أنْ تُصَلُّوا هاتَيْنِ الصَّلاتَيْنِ في هَذَيْنِ الوَقْتَيْنِ، ثمَّ قَرأَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: 39].وفي الحَديثِ: فَضلُ أداءِ صَلاتَيِ الصُّبحِ والعَصرِ .



من موقع الدرر السنية ..







التوقيع

لم يبق معيَ من فضيلة العلم ... سوى العلم بأني لست أعلم .
 
رد مع اقتباس
قديم 08-02-2023, 05:17 AM   رقم المشاركة : 70
معلومات العضو
راحيل الأيسر
المدير العام
 
الصورة الرمزية راحيل الأيسر
 

 

 
إحصائية العضو







راحيل الأيسر غير متصل


افتراضي رد: أحاديث المصطفى المختار للتذكير والادكار ..

إن أبرَّ البرِّ صلةُ المرءِ أهلَ ودِّ أبيه بعد أن يوليَ
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 5143 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أبو داود (5143) واللفظ له، وأخرجه مسلم (2552) باختلاف يسير وفي أوله قصة ..



_____________



أنَّهُ كانَ إذَا خَرَجَ إلى مَكَّةَ، كانَ له حِمَارٌ يَتَرَوَّحُ عليه إذَا مَلَّ رُكُوبَ الرَّاحِلَةِ، وَعِمَامَةٌ يَشُدُّ بهَا رَأْسَهُ، فَبيْنَا هو يَوْمًا علَى ذلكَ الحِمَارِ، إذْ مَرَّ به أَعْرَابِيٌّ، فَقالَ: أَلَسْتَ ابْنَ فُلَانِ بنِ فُلَانٍ؟ قالَ: بَلَى، فأعْطَاهُ الحِمَارَ، وَقالَ: ارْكَبْ هذا، وَالْعِمَامَةَ، قالَ: اشْدُدْ بهَا رَأْسَكَ، فَقالَ له بَعْضُ أَصْحَابِهِ: غَفَرَ اللَّهُ لكَ! أَعْطَيْتَ هذا الأعْرَابِيَّ حِمَارًا كُنْتَ تَرَوَّحُ عليه، وَعِمَامَةً كُنْتَ تَشُدُّ بهَا رَأْسَكَ، فَقالَ: إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ: إنَّ مِن أَبَرِّ البِرِّ صِلَةَ الرَّجُلِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ يُوَلِّيَ، وإنَّ أَبَاهُ كانَ صَدِيقًا لِعُمَرَ.
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2552 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]


______________

إنَّ بِرَّ الوالدينِ مِن أعظَمِ الأعمالِ الَّتي أوْصى اللهُ سُبحانه بها، وقَرَنها بالوصيَّةِ بتَوحيدِه، ومِن جَمالِ الإسلامِ أنْ جَعَل هذا البِرَّ لا يَقتصِرُ نفْعُه عليهما فقطْ؛ بلْ يَتعدَّى لِأصدقائهِما وأحِبَّائهِما بعْدَ مَوتِهما.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي التَّابعيُّ عبدُ اللهِ بنُ دِينارٍ أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما كانَ إذا خرَجَ مُسافرًا مِن المدينةِ إلى مكَّةَ، كان له حمارٌ «يَتَروَّحُ عَلَيْه»، أي: يَستريحُ عَلَيْه إذا «مَلَّ»، أي: ضَجِرَ مِن رُكوبِ «الرَّاحلةِ» وهي المرْكَبُ مِنَ الإبلِ، ذكرًا كان أو أُنثى، وكان له أيضًا عِمامةٌ يُغطِّي بها رأْسَه، فبيْنما هو يومًا يَركَبُ على ذلك الحِمارِ؛ إذ مَرَّ به رجُلٌ أعرابيٌّ -وهو الَّذي يَسكُنُ الصَّحراءَ مِن العربِ-، فسَأل ابنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما الرَّجلَ الأعرابيَّ: «ألسْتَ فلانَ بنَ فلانٍ؟» يَقصِدُ به رجُلًا كان يَعرِفُه، فَقالَ الأعرابيُّ: «بَلى»، فلمَّا عَرَفه ابنُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما أهْداه الحِمارَ لِيَركَبَه، وَأعطاهُ العِمامةَ، وأمَرَه أنْ يَتعمَّمَ بها، فأنكَرَ بعضُ أصحابِ ابنِ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما عليه ما فَعَل، وكيْف أهْدى الرَّجلُ أشياءَ كان يَحتاجُها ابنُ عُمرَ ويَستعمِلُها، وفي رِوايةٍ أُخرى عندَ مُسْلمٍ قالوا له: «إنَّهم الأعرابُ، وإنَّهم يَرْضَون باليسيرِ» أي: كان يَكفيهِ أقلُّ ممَّا أعْطَيْتَه، وإنَّ ما أعْطَيْتَه كثيرٌ، فأخبَرَهم ابنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه سَمِع رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: «إنَّ مِن أبرِّ البرِّ» يعني: أعظَمُ أنواعِ البِرِّ وأفضلِه وأكثَرُه أجْرًا «صلَةَ الرَّجلِ» أي: إعطاءَ الرَّجلِ جائزةً وعَطيَّةً لأهلِ وُدِّ أبيهِ، وهُم أهلُ مَحبَّةِ أبيهِ وصَداقتِه، بعْدَ أنْ «يُولِّيَ» وهو كِنايةٌ عن الموتِ، وإنَّما كانت الوصيَّةُ بأولياءِ الوالدِ بعْدَ مَوتِه أبَرَّ؛ لأنَّ ذلك يُؤدِّي إلى كَسبِ الدُّعاءِ له وبَقاءِ المودَّةِ، وفيه إشارةٌ إلى تَأكيدِ حقِّ الأبِ.
ثمَّ أخبَرَهم عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ أبا هذا الرَّجُلِ الأعرابيِّ كان صَديقًا لِعمرَ بنِ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه، فَلِذا أعطاهُ صِلةً وهَديَّةً؛ عَملًا بحَديثِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفي الحديثِ: دَليلٌ على امتثالِ الصِّحابةِ، ورغْبتِهم في الخيرِ وَمسارعتِهم إليه.
وفيه: سَعةُ رَحمةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، حيثُ إنَّ البِرَّ بابُه واسعٌ لا يختصُّ بِالوالدَيْنِ فقط؛ بل حتَّى أصدقائِهما إذا أحسنْتَ إليهم؛ فَإنَّما بَرِرْتَ وَالدَيْكَ فَتثابُ ثوابَ البارِّ بِوالدَيْهِ.
وفيه: الحثُّ على إكرامِ أصدقاءِ الوالدَيْنِ.




الموقع الدرر السنية ..







التوقيع

لم يبق معيَ من فضيلة العلم ... سوى العلم بأني لست أعلم .
 
رد مع اقتباس
قديم 10-02-2023, 04:40 AM   رقم المشاركة : 71
معلومات العضو
راحيل الأيسر
المدير العام
 
الصورة الرمزية راحيل الأيسر
 

 

 
إحصائية العضو







راحيل الأيسر غير متصل


افتراضي رد: أحاديث المصطفى المختار للتذكير والادكار ..

جَاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ فَقالَ: أَما وَأَبِيكَ لَتُنَبَّأنَّهُ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ، تَخْشَى الفَقْرَ، وَتَأْمُلُ البَقَاءَ، وَلَا تُمْهِلَ حتَّى إذَا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ، قُلْتَ: لِفُلَانٍ كَذَا، وَلِفُلَانٍ كَذَا، وَقَدْ كانَ لِفُلَانٍ. [وفي رواية]: غيرَ أنَّهُ قالَ: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم : 1032 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | التخريج : أخرجه البخاري (1419)، ومسلم (1032).


_---------------_



جَاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ قالَ: أَنْ تَصَدَّقَ وأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الفَقْرَ، وتَأْمُلُ الغِنَى، ولَا تُمْهِلُ حتَّى إذَا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ، قُلْتَ لِفُلَانٍ كَذَا، ولِفُلَانٍ كَذَا وقدْ كانَ لِفُلَانٍ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 1419 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
التخريج : أخرجه البخاري (1419)، ومسلم (1032)




الشرح :

كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُرَبِّي أُمَّتَه على الفَضيلةِ والسَّخاءِ والتكافُلِ فيما بيْنَهم، والإسراعِ بالعَملِ الصالحِ مِن الصدَقاتِ والتطَوُّعِ قبْلَ أن يأتيَهم المَوتُ.
وفي هذا يَحكي يَروي أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رجُلًا جاء إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فسَأله: أيُّ الصَّدَقةِ أَعْظَمُ أجْرًا وأكثَرُ نفعًا لصاحِبِها؟ فأخبَرَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه ما يَتصَدَّقُ بها الإنسانُ وهو صحيحٌ ليس فيه مرَضٌ أو عِلَّةٌ تقْطَعُ أمَلَه في الحياةِ، وهو وقتٌ يُصادِفُ مَن يكونُ مِن شأنِه الشُّحُّ، وهو البُخلُ مع الحِرصِ، ويَخافُ مِن الوُقوعِ في الفَقرِ، ويَأْمُلُ الغِنَى ويَرجوه ويَطمَعُ فيه لِنفْسِه، وهذا في فَترةِ الحياةِ كلِّها، وخاصَّةً وقْتَ الرَّغدِ والنَّعيمِ، فيَكونُ الإنسانُ أكثَرَ حِرصًا، فإذا تصَدَّق مع كلِّ هذه المَوانعِ والمُغرياتِ الَّتي تَحُثُّه على حِفظِ المالِ فذلك أعظَمُ أجرًا، ثمَّ حذَّره النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن آفةٍ تُصيبُ كثيرًا مِن النَّاسِ، وذلك بأنَّ يَنتظِرَ ويَتمهَّلَ ويؤخِّرَ التصَدُّقَ، حتَّى إذَا بَلَغَت رُوحُه الحُلْقُومَ، وشعَرَ بقُربِ المَوتِ، وتأكَّدَ أنَّ المالَ لن يَنفَعَه، وأنَّه سيَترُكُه- أَوْصى لِفُلَانٍ بكذا، ولِفُلانٍ بكذا، وأخبَرَ أنَّه قدْ كان لِفُلانٍ مِن الدُّيونِ أو الحُقوقِ، وقد أصبَح المالُ مِلكًا للورَثةِ، فهذا أقَلُّ أجرًا.
فبيَّنَ لنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ أفضَلَ الصَّدقةِ أن تَتصدَّقَ حالَ حياتِك وصحَّتِك، مع احتياجِك إلى المالِ واختصاصِك به، لا في حالِ سقَمِك وسياقِ مَوتِك؛ لأنَّ المالَ حينَئذٍ خرَج عنك وتعلَّقَ بغيرِك.
وفي الحديثِ: فضلُ صدَقةِ الشَّحيحِ الصَّحيحِ.
وفيه: التَّحذيرُ مِن التَّسويفِ بالإنفاقِ استِبعادًا لحُلولِ الأجَلِ، واشتِغالًا بطولِ الأمَلِ.
وفيه: أنَّ المرضَ يَقصُرُ يدَ المالكِ عن بعضِ مِلكِه، وأنَّ سَخاوتَه بالمالِ في مرَضِه لا تمحو عنه سِمَةَ البُخلِ.
وفيه: أنَّ أعمالَ البِرِّ كلَّها إذا صَعُبَتْ كان أجرُها أعظَمَ.
وفيه: أنَّ الصَّدقةَ في وقتِ صِحَّةِ الإنسانِ وسلامتِه أفضلُ مِن الوصيَّةِ.



اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..







التوقيع

لم يبق معيَ من فضيلة العلم ... سوى العلم بأني لست أعلم .
 
رد مع اقتباس
قديم 11-02-2023, 07:48 AM   رقم المشاركة : 72
معلومات العضو
راحيل الأيسر
المدير العام
 
الصورة الرمزية راحيل الأيسر
 

 

 
إحصائية العضو







راحيل الأيسر غير متصل


افتراضي رد: أحاديث المصطفى المختار للتذكير والادكار ..

اللهمَّ بعلْمِك الغيبِ ، وقدْرتِك على الخلقِ أحْيِني ما علمتَ الحياةَ خيرًا لي ، وتوفَّني إذا علِمْتَ الوفاةَ خيرًا لي . اللهمَّ وأسألُك خشيتَك في الغيبِ والشهادةِ ، وأسألُك كلمةَ الإخلاصِ في الرضا والغضبِ ، وأسألُك القصدَ في الفقرِ والغنى ، وأسألُك نعيمًا لا ينفدُ وأسألُك قرةَ عينٍ لا تنقطعُ ، وأسألُك الرضا بالقضاءِ ، وأسألُك بَرْدَ العيْشِ بعدَ الموتِ ، وأسألُك لذَّةَ النظرِ إلى وجهِك ، والشوقَ إلى لقائِك ، في غيرِ ضرَّاءَ مضرةٍ ، ولا فتنةٍ مضلَّةٍ . اللهمَّ زيِّنا بزينةِ الإيمانِ ، واجعلْنا هداةً مُهتدينَ
الراوي : عمار بن ياسر | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم : 1301 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه النسائي (1305)، وأحمد (18351) باختلاف يسير.


---------------------


صلَّى عمَّارُ بنُ ياسرٍ بالقومِ صلاةً أخفَّها ، فَكأنَّهم أنْكروها ! فقالَ : ألم أُتمَّ الرُّكوعَ والسُّجودَ ؟ قالوا : بلى ، قالَ أمَّا أنِّي دعوتُ فيها بدعاءٍ كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يدعو بِهِ اللَّهمَّ بعِلمِكَ الغيبَ وقدرتِكَ على الخلقِ أحيني ما علمتَ الحياةَ خيرًا لي وتوفَّني إذا علمتَ الوفاةَ خيرًا لي وأسألُكَ خشيتَكَ في الغيبِ والشَّهادةِ وَكلمةَ الإخلاصِ في الرِّضا والغضبِ وأسألُكَ نعيمًا لاَ ينفدُ وقرَّةَ عينٍ لاَ تنقطعُ وأسألُكَ الرِّضاءَ بالقضاءِ وبردَ العيشِ بعدَ الموتِ ولذَّةَ النَّظرِ إلى وجْهِكَ والشَّوقَ إلى لقائِكَ وأعوذُ بِكَ من ضرَّاءٍ مُضرَّةٍ وفتنةٍ مضلَّةٍ اللَّهمَّ زيِّنَّا بزينةِ الإيمانِ واجعَلنا هداةً مُهتدين.
الراوي : قيس بن عباد أو عبادة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح النسائي
الصفحة أو الرقم: 1305 | خلاصة حكم المحدث : صحيح


-------------

الشرح وهو طويل وأعتذر أني لم ألخصه لكم ، لأنه خير كله ..



علَّمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أُمَّتَه آدابَ الدُّعاءِ، ومنها الثَّناءُ على اللهِ، والتَّوسُّلُ إليه بأسمائِه وصفاتِه؛ فإنَّ هذا سببٌ مِن أسبابِ استجابةِ الدُّعاءِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ السَّائبُ الثَّقفيُّ: "صلَّى عمَّارُ بنُ ياسرٍ بالقومِ صلاةً أخَفَّها"، أي: صلَّى عمَّارُ بنُ ياسرٍ رضِيَ اللهُ عنهما صلاةً بالنَّاسِ، وكان إمامًا، فخفَّف وأوجَزَ في صلاتِه، "فكأنَّهم أنكَروها!"، أي: كأنَّ المصلِّين لَمَّا رأَوْا صلاتَه لم يَعرِفوا ولم يَعهَدوا هذه الصَّلاةَ مِن التَّخفيفِ والإيجازِ، فقال لهم عمَّارٌ: "ألم أُتِمَّ الرُّكوعَ والسُّجودَ؟"، أي: سألهم عمَّارٌ: أكان في هذا التَّخفيفِ والإيجازِ إخلالٌ بإتمامِ رُكوعِها وسجودِها، وما فيهما مِن طُمَأنينةٍ؟ "قالوا: بَلى"، أي: إنَّك أتمَمتَ ركوعَها وسجودَها، فقال عمَّارٌ: "أمَا إنِّي دعَوتُ فيها بدُعاءٍ كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَدْعو به"، أي: ومع هذا التَّخفيفِ والإيجازِ دعَوتُ في هذه الصَّلاةِ الَّتي صلَّيتُها بكم بدُعاءٍ سمعتُه مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وهو: "اللَّهمَّ بعِلْمِك الغيبَ وقُدرَتِك على الخَلقِ"، وفي هذا ثناءٌ على اللهِ وتوسُّلٌ إليه بأسمائِه وصفاتِه، والمعنى: اللَّهمَّ إنِّي أسألُك وأتوسَّلُ إليك بما عَلِمتَه من الغيبِ، والغيبُ ما خَفِي عن الإنسانِ ولا يَعلَمُه، والغيبُ يكونُ مُطلقًا، وهو ما استأثَر به اللهُ سبحانه وتعالى، مِثلُ علمِ السَّاعةِ، وقد يكونُ نِسْبيًّا، وهو ما يَغيبُ عن البعضِ، ويَعلَمُه غيرُهم، وقد يَرتَضي اللهُ لعبادِه مِن الأنبياءِ والمرسَلين أن يُطْلِعَهم على الغَيبِ بطريقِ الوحيِ؛ لِيَكونَ دَلالةً على صِدقِ نُبوَّتِهم.
وقولُه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "وقُدرَتِك على الخَلقِ"، أي: أتوسَّلُ إليك بقُدرتِك الكاملةِ النَّافذةِ على جَميعِ مَخلوقاتِك، ثمَّ شرَع في طلَبِ مسألتِه مِن اللهِ تعالى، وهو "أحْيِني ما عَلِمتَ الحياةَ خيرًا لي"، أي: ارزُقني الحياةَ إذا كان في سابقِ عِلمِك أنَّ الحياةَ تكونُ زِيادةً لي في الخيرِ؛ مِن التَّزوُّدِ من الأعمالِ الصَّالحةِ، والبرِّ، ونحوِ ذلك، "وتَوفَّني إذا عَلِمتَ الوفاةَ خيرًا لي"، أي: أمِتْني إذا كُنتَ تعلَمُ أنَّ الوفاةَ فيها خيرٌ لي، "وأسألُكَ خشيتَك في الغيبِ والشَّهادةِ"، أي: وأسألُك أن تَرزُقَني الخوفَ منك، والتَّعظيمَ لك في سِرِّي وخَلْوتي، إذا غِبتُ عن أعيُنِ النَّاسِ، وفي عَلانيَتي، أو كُنتُ بين النَّاسِ، "وكلمةَ الإخلاصِ في الرِّضا والغَضبِ"، يَحتمِلُ أن يكونَ المعنى: أسألُك الثباتَ على كلمةِ الإخلاصِ وهي كلمةُ التَّوْحِيدُ للهِ تعالى، أو هي النَّصيحةُ الخالِصَةُ عَنِ الرِّياءِ والسُّمْعَةِ، وفي روايةٍ أخرى عندَ النَّسائيِّ أيضًا "وأسألُك كلمةَ الحَقِّ"؛ فيكونُ المعنى: وأسألُك قولَ الحقِّ، والتَّكلُّمَ به في حالِ رِضايَ وسُروري، وفي حالِ غضَبي وانفِعالي؛ فلا أتَكلَّمُ بباطلٍ، ولا أميلُ عن الحقِّ، بحيثُ لا تُلجئني شِدَّةُ غصبي إلى النُّطقِ بخِلافِ الحقِّ، ويَحتمِلُ أنْ يكون المعنى: أسألُك قولَ الحقِّ في حالتَيْ رِضا الخَلقِ عنِّي، وغضبِهم عليَّ فيما أقولُه؛ فلا أُداهن، ولا أُنافِق، بل أكونُ مُستمِرًّا على قول الحقِّ في جَميعِ أحوالي وأوقاتِي.
"وأسألُك نَعيمًا لا يَنفَدُ"، أي: وأدعوك أن تَرزُقَني النَّعيمَ المقيمَ الَّذي لا يَنتهي ولا يَنقضي، ولا يَنقطِعُ، وهو نَعيمُ الجنَّةِ، "وقُرَّةَ عينٍ لا تَنقطِعُ"، وقُرَّةُ العينِ قيل: معناها بَرْدُها، وانقطاعُ بُكائِها واستِحْرارِها بالدَّمعِ؛ فإنَّ للسُّرورِ دَمعةً باردةً، وللحُزنِ دَمعةً حارَّةً، وقيل: هو مِن القرارِ: أي: رأَتْ ما كانت مُتشوِّفةً إليه، فقَرَّت ونامَت، وقيل: أقَرَّ اللهُ عينَك: أي: بلَّغَك أُمنيَّتَك حتَّى تَرضى نفسُك، وتَسكُنَ عَينُك، فلا تَستشرِفَ إلى غيرِه. وقيل: أقرَّ اللهُ عينَك: أي: صادَفْتَ ما يُرضيك، فتقَرُّ عينُك عن النَّظرِ إلى غيرِه، والمعنى: أن تَقَرَّ عينُه بطاعةِ اللهِ سبحانه وتعالى، والأُنسِ بذِكْرِه، وقيل: أن تَقَرَّ عينُه برُؤيةِ ذُرِّيَّتِه مُطيعين للهِ تعالى، "وأسألُك الرِّضاءَ بالقضاءِ"، أي: وأسألُك أن تَرزُقَني الرِّضا بما قضَيتَه وقدَّرتَه، فتَلْقاه نفْسي وهي مُطمئنَّةٌ، فلا أتسَخَّطُ، ولا أتضَجَّرُ، "وبَرْدَ العيشِ بعدَ الموتِ"، أي: وأسـألُك عَيشًا يكونُ طيِّبًا لا يكونُ فيه نَكدٌ وكَدرٌ ..
بل يكونُ فيه انشراحٌ للصَّدرِ، وتكونُ الرُّوحُ فيه بعدَ الموتِ في مَكانةٍ عاليةٍ، ومنزِلةٍ رفيعةٍ، "ولَذَّةَ النَّظرِ إلى وجهِك"، أي: وأسألُك رُؤيةَ وجهِك الكريمِ، التي هي أعلى وأكبَرُ نعيمٍ في الجنَّةِ، ووصَف هذا النَّظرَ باللَّذَّةِ؛ لأنَّ النَّظرَ إلى اللهِ قد يكونُ فيه خوفٌ وإجلالٌ، وقد يكونُ نظرًا فيه رحمةٌ ولطفٌ وجمالٌ، "والشَّوقَ إلى لقائِك"، أي: وأسألُك أن تَرزُقَني الاشتياقَ إلى مُلاقاتِك في دارِ المجازاةِ؛ فيكون قد جمَعَ في هذا الدعاءِ بين أطيبِ ما في الدُّنيا وهو الشوقُ إلى لِقاءِ اللهِ تعالَى، وأطيبِ ما في الآخرةِ، وهو النظرُ إليه سبحانَه، "وأعوذُ بِك مِن ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ"، أي: وأحتَمي بك مِن كلِّ شِدَّةٍ يكونُ فيها ضررٌ عليَّ؛ لأنَّ بعضَ الضَّرَّاءِ قد تكونُ عاقبتُها نافعةً، "وفِتْنةٍ مُضِلَّةٍ"، أي: وأحتمي بك مِن فِتنةٍ توقِعُني في حَيرةٍ، وتكونُ عاقبتُها إلى الهلاكِ، وهنا وصَف الفِتنَ بالمضلَّةِ؛ لأنَّ بعضَ الفِتنِ قد تكونُ سببًا مِن أسبابِ الهِدايةِ، أو من بابِ الوَصفِ اللَّازمِ للفتنةِ؛ والفِتنةُ التي هي سببٌ مِن أسبابِ الهِدايةِ لا يُستعاذُ منها، وهي فِتنةُ الامتحانِ والاختبارِ التي يَصبِرُ فيها العبدُ ويُوفَّقُ للهدايةِ.
ثُمَّ دعَا النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم قائلًا: "اللَّهمَّ زَيِّنَّا بزينَةِ الإيمانِ"، أي: يا رَبِّ أسألُك أن تُثبِّتَنا على الإيمانِ، وأن تُرسِّخَه في قُلوبِنا، وتُجمِّلَنا به، "واجعَلْنا هُداةً مهتَدِين"، أي: اجعَلْنا هادِين إلى الدِّينِ هُداةً في أنفسِنا، ثابِتين على طريقِ الهُدى، والهِدايةِ واليَقينِ، نكونُ صالِحين لأنْ نَهديَ غيرَنا.
وفي الحَديثِ: بيانُ حِرصِ الصَّحابةِ رضِيَ اللهُ عنهم على الاقتِداءِ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم.
وفيه: التَّوسُّلُ إلى اللهِ في الدُّعاءِ بأسمائِه وصفاته ..







التوقيع

لم يبق معيَ من فضيلة العلم ... سوى العلم بأني لست أعلم .
 
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 01:25 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط